رسالة البابا للشباب: "إن تغذيتم من المسيح عشتم فيه كما فعل بولس، فلا يمكنكم أن لا تتكلموا عنه أمام أصدقائكم وأترابكم"

الخميس, 5 مارس 2009

حاضرة الفاتيكان (وكالة فيدس) - "إن تغذيتم من المسيح عشتم فيه كما فعل بولس، فلا يمكنكم أن لا تتكلموا عنه أمام أصدقائكم وأترابكم... الكنيسة تتكل عليكم في هذه الرسالة الصعبة: فلا تفقدوا الشجاعة أمام الصعاب والمحن التي تواجهونها". هذه هي الرسالة التي استودها البابا بندكتس السادس عشر للشباب، في رسالته لليوم العالمي الرابع والعشرين للشباب، والذي سيحتفل به يوم أحد الشعانين – الخامس من أبريل – على مستى أبرشي.

أيها الأصدقاء الأعزاء، اشهدوا مثل بولس للقائم من الموت! عرفوا به لمن من أترابكم ومن الراشدين، يبحث عن "الرجاء العظيم" الذي يهب معنى لوجودهم. إذا أضحى يسوع رجاءكم، قولوه أيضًا للآخرين بواسطة فرحكم والتزامكم الروحي، الرسولي والاجتماعي. وإذ يقيم فيكم المسيح، بعد أن وضعتم كل إيمانكم فيه وبعد أن وهبتموه كل ثقتكم، انشروا هذا الرجاء حولكم. وحث البابا الشباب على عدم الاستسلام لمنطق المصالح الشخصية... "المسيحي الأصيل ليس حزينًا أبدًا، حتى ولو وجد نفسه مضطرًا أن يواجه تجارب مختلفة، لأن حضور المسيح هو سر فرحه وسر سلامه". وبعد أن ذكّر البابا باليوم العالمي للشباب في سيدني وبالأيام التي أمضاها الشباب في المدينة الاسترالية، تطرق أيضاً الى مواذيع الأيام العالمية للشباب المقبلة. رئالة هذا العام هي بعنوان "جعلنا رجاءنا في الله الحي".

وفي كلمته عن موضوع هذا العام ذكّر البابا بأن "مسألة الرجاء هي في صلب حياتنا كبشر وفي محور رسالتنا كمسيحيين، خصوصًا في زمننا الحاضر. نشعر جميعنا بالحاجة إلى الرجاء، ولكن لا إلى أي رجاء، بل إلى الرجاء الوطيد والأمين، كما أوضحت في الرسالة العامة "مخلصون بالرجاء". الشباب بشكل خاص هو زمن الآمال، لأنه ينظر إلى المستقبل بتطلعات عديدة". في سن الشباب ينمي المرء مبادئ وأحلام ومشاريع؛ فالشباب هو زمن ينضج فيه الإنسان خيارات حاسمة لمدى الحياة. ولربما كان هذا السبب وراء التساؤلات الجوهرية التي يطرحها الإنسان في هذه الحقبة من حياته، ومن بينها: "أين وأنّى لي أن أحافظ في قلبي على شعلة الرجاء؟

وتابع البابا: "كما كتبت في الرسالة العامة "بالرجاء مخلصون": "إن السياسية، والعلم، والتقنية، والاقتصاد وأي مورد مادي بمفرده لا يكفي ولا يستطيع أن يقدم الرجاء العظيم الذي نتوق إليه جميعنا. وحده الله هو هذا الرجاء الذي يغمر الكون والذي يستطيع أن يعرض علينا وأن يقدم لنا ما لا نستطيع أن نتوصل إليه من تلقاء نفسنا. لذا فإن إحدى النتائج الرئيسية لنسيان الله هي الضياع الواضح الذي يطبع مجتمعنا، مع أصداء من العزلة والعنف، والخيبة وفقدان الثقة الذي يؤدي غالبًا إلى اليأس"

وتطرق قداسته الى الشباب "الذين جرحتهم الحياة، والذين يعيشون تحت تأثير عدم نضج شخصي هو غالبًا نتيجة لفراغ عائلي، وخيارات تربوية متساهلة ومتحررة وخبرات سلبية أدت إلى صدمات نفسية"، مشيراً الى أنه بالنسبة للبعض "السبيل الذي يبدو إجباريًا تقريبًا هو الهرب والإنطواء على تصرفات خطيرة وعنيفة، نحو الإدمان على المخدرات والكحول، ونحو أشكال عديدة أخرى من الحالات السلبية الشبابية". وتساءل البابا: " ولكن كيف يمكننا أن نعلن الرجاء لهؤلاء الشباب؟" وتوجه البابا الى الشباب فقال: "أوجه إليكم أيها الشباب الساعون إلى رجاء وطيد الكلمات عينها التي وجهها القديس بولس إلى مسيحيي روما المضطهدين حينها: "فليملئكم إله الرجاء بكل فرح وسلام، لكيما تفيضوا بالرجاء بفعل الروح القدس". خلال هذه السنة اليوبيلية المكرسة لرسول الأمم، بمناسبة الذكرى الألفية الثانية لمولده، فلنتعلم منه أن نضحي شهودًا وثيقين للرجاء المسيحي."

وقال البابا بأن القديس بولس هو شاهد الرجاء الذي لم يفقد الرجاء أبداً منذ لقائه بيسوع على طريق دمشق. بالنسبة لبولس، الرجاء ليس شعوراً بل إنه شخص حي: "يسوع المسيح، ابن الله".
"كما سبق والتقى يومًا ببولس الشاب، كذلك يريد يسوع أن يلتقي كلاً منكم، أيها الشباب الأحباء" – قال بندكتس السادس عشر. وقال: عندما نعبر في الصلاة عن إيماننا، نلتقي به حتى في الظلمة لأنه يقدم ذاته لنا. تفتح الصلاة المثابرة القلب لقبوله، لأن الصلاة هي هبة الروح القدس التي تجعلنا رجال ونساء الرجاء، والصلاة تبقي العالم منفتحًا على الله. وفي هذا الصدد قال البابا إن "هناك أساليب مختلفة للدخول في حميمية معه؛ هناك خبرات وحركات ولقاءات وسبل عديدة لتعلم الصلاة وللنمو في خبرة الإيمان. شاركوا في الليتورجية في رعاياكم وتغذوا بغزارة من كلمة الله ومن الاشتراك الفعال في الأسرار."

وختم البابا رسالته موجهاً الشباب صوب مريم "أم الرجاء التي إن تلك التي جسدت رجاء إسرائيل، ووهبت العالم المخلص، وبقيت، ثابتة في الرجاء، عند أقدام الصليب، هي بالنسبة لنا نموذج وعضد. بشكل خاص، تشفع مريم بنا وتهدينا في ظلام صعوباتنا إلى الفجر النير، فجر اللقاء مع القائم من الموت". (وكالة فيدس 5-3-2009)


مشاركة: