البابا في المقابلة العامة: بونيفاسيوس، مرسل عظيم من القرن الثامن، نشر المسيحية في أوروبا الوسطى

الخميس, 12 مارس 2009

حاضرة الفاتيكان (وكالة فيدس) - "نتوقف اليوم للحديث عن مرسل عظيم من القرن الثامن، نشر المسيحية في أوروبا الوسطى". تمحورت كلمة البابا بندكتس السادس عشر خلال المقابلة العامة يوم الأربعاء 11 مارس حول القديس بونيفاسيوس "الذي اشتهر في التاريخ بلقب "رسول الجرمانيين، وكان يتمتع بمؤهلات عقلية مميزة، وكان يبدو متجهًا نحو حياة الهدوء، وشعر بأنه مدعو إلى الخدمة الرسولية بين الوثنيين في القارة الأوروبية. بتعزية ودعم البابا، التزم بونيفاسيوس بالتبشير بالإنجيل في مناطق ألمانيا، محاربًا ضد العبادات الوثنية ومعززًا أسس الأخلاق البشرية والمسيحية. يكتب: "نحن ثابتون في الصراع في يوم الرب، لأننا في صدد أيام بؤس ونكبة... لسنا كلابًا صامتة، ولا مراقبين متحفظين، لسنا أجراء يهربون أمام الذئاب!" بواسطة عمله الدؤوب، وبواسطة مؤهلاته التنظيمية، بفضل طبعه اللين والمحبب بالرغم من صلابته، توصل بونيفاسيوس إلى نتائج كبيرة. ولذا أعلن البابا أنه "يريد أن يرفعه الى درجة الأسقفية، لكي يستطيع بشكل أفضل أن يصلح ويقود إلى سبيل الحق الضالين".
"إضافة إلى عمل التبشير والتنظيم الكنسية هذا من خلال تأسيس الأبرشيات والاحتفال بالسينودوسات، لم يتوان بونيفاسيوس عن تعزيز تأسيس الأديار، الرجالية والنسائية، لكي تكون منارة يشع منها الإيمان والثقافة البشرية والمسيحية في المنطقة.

بفضله، وبفضل رهبانه وراهباته – فقد كان للنساء دورهن الهام جدًا في عمل التبشير هذا – أزهرت ثقافة إنسانية لا تنفصل عن الإيمان بل تكشف جماله. وقد ترك لنا بونيفاسيوس مؤلفات هامة ذات طابع فكري. بوجه خاص رسائله الكثيرة، حيث تندمج الرسائل الرعوية بالرسائل الرسمية وبالرسائل الخاصة، وتكشف عن وقائع اجتماعية وخصوصًا عن طبعه الإنساني الغني وإيمانه العميق. كما وكتب مؤلف في فن القواعد شرح فيه تصريف الأسماء، وتصريف الأفعال، وتركيب اللغة اللاتينية، وكان هذا بالنسبة له وسيلة لنشر الإيمان والثقافة. هذا وينسب إليه مؤلف في فن الأوزان، أي مقدمة لكيفية تأليف الشعر". عن عمر ثمانين عاماً كتب الى الأسقف لولّو: "يوم انقضائي قد أشرف وها إن زمن رقادي قد اقترب؛ وإذ اترك الجثمان المائت، أرتقي صوب الجائزة الأبدية. في 5 يونيو 754، انقضت عليه عصابة من الوثنيين. وتقدم صوبهم بمحيا هادئ، "ومنع خاصته من مجابهتهم قائلاً: ‘توقفوا يا بَنيّ عن القتال، تخلوا عن الحرب، لأن شهادة الكتاب المقدس تحضنا على ألا نبادل الشر بالشر، بل الشر بالخير. هذا هو اليوم الذي اشتقته منذ زمن، هوذا زمن نهايتنا قد أتى؛ تشجعوا بالرب!" كانت هذه كلماته الاخيرة قبل أن يسقط تحت وقع ضربات المعتدين.

التوجيه الأول الذي يفرض نفسه على من يدنو من بونيفاسيوس هو محورية كلمة الله، المعاشة والمفسرة في إيمان الكنيسة، كلمة عاشها، وأعلنها، وشهد لها وصولاً إلى هبة الذات السامية في الاستشهاد. الطابع الثاني الذي يظهر من حياة بونيافسيوس هو الشركة الامينة مع الكرسي الرسولي، الذي كان نقطة ثابتة ومحورية في عمله الإرسالي، وقد حافظ دومًا على هذه الشركة كشرعة رسالته وتركها كوصية تقريبًا. الخاصية الثالثة لبونيفاسيوس التي تلفت انتباهنا هي تشجيعه للقاء بين الثقافة الرومانية-المسيحية والثقافة الجرمانية.
إن شهادة بونيفاسيوس الشجاعة هي دعوة لنا جميعًا لكي نقبل في حياتنا كلمة الله كمرجعية أساسية، وأن نحب بشغف الكنيسة، وأن نشعر بأننا مسؤولون عن مستقبلها، وأن نسعى إلى وحدتها حول خليفة بطرس.

بعد كلمته خلال المقابلة العامة وبعد التحية بلغات مختلفة أعرب البابا عن المه لكا يحدث في شمال إيرلندا فقال: "تلقيت بحزن عميق خبر مقتل جنديين شابين في الجيش البريطاني وشرطي في شمال إيرلندا. لأود أن أعبر عن قربي الروحي من عائلات الضحايا ومن الجرحى، وأعبر عن إدانتي الشديدة لهذه الأعمال الإرهابية التي، الى جانب تشويه الحياة البشرية، تشكل خطراً على المسيرة السياسية في ايرلندا الشمالية، وتكاد تطفىء الرجاء بإيجاد حل لمسألة الشمال. أسأل الرب لكي لا يقع أحد بعد الآن ضحية تجربة العنف، بل أن يضاعف الجميع الجهود لبناء مجتمع سلمي وعادل." (وكالة فيدس 12-03-2009)


مشاركة: