البابا في عظته بمناسبة عيد القديسين بطرس وبولس: إن كان المسيح أسقف النفوس، فإن الهدف يكمن في تجنب افتقار النفس في الإنسان، والعمل على ألا يفقد الإنسان جوهره، قدرته على الحق والمحبة.

الثلاثاء, 30 يونيو 2009

حاضرة الفاتيكان (وكالة فيدس) تراس البابا الاحتفال بالذبيحة الالهية يوم الاثنين 29 يونيو بمناسبة عيد القديسين بطرس وبولس في بازيليك القديس بطرس الفاتيكانية. ـالقى البابا عظة استهلها بالترحيب بأعضاء بعثة بطريركية القسطنطينية المسكونية ورؤساء الأساقفة المتروبوليت الذين يتلقون درع التثبيت اليوم. والى جانب رسائل القديس بوبس، تحدث البابا عن رسالتين للقديس بطرس : " الأولى تختتم بسلام من روما يظهر بالاسم الرؤيوي لبابل: "ومن بابل، تسلم عليكم تلك التي اختارها الله معكم". إنها رسالة – قال البابا – "تدعونا إلى الإصغاء إلى "تعليم الرسل" الذي يدلنا على الدرب نحو الحياة"... جوهرها يقوم على صورة المسيح المتألم والمحب، المصلوب والقائم من بين الأموات... وهي بالتالي تشكل تمهيداً للأسرار المسيحية الأساسية المتمثلة في العماد والافخارستيا، وكلمةً موجهة للكهنة يصف فيها بطرس نفسه بالكاهن معهم.

وتسائل البابا: ماذا يقول لنا القديس بطرس – في السنة الكهنوتية تحديداً – عن مهمة الكاهن؟ إنه يفهم أولاً الخدمة الكهنوتية كلياً انطلاقاً من المسيح. ويدعو المسيح "راعي نفوسكم وحارسها" وبعدها يعطى المسيح صفة الراعي الأسمى". المسيح هو "أسقف النفوس" حسبما يقول لنا بطرس. هذا يعني أنه يرانا في آفاق الله. من خلال النظر انطلاقاً من الله، نرى رؤية شاملة ونرى المخاطر والآمال والفرص. في منظور الله، نرى الجوهر والروح. إن كان المسيح أسقف النفوس، فإن الهدف يكمن في تجنب افتقار النفس في الإنسان، والعمل على ألا يفقد الإنسان جوهره، قدرته على الحق والمحبة. العمل على أن يتعرف إلى الله وألا يتيه في المآزق والعزلة بل يبقى منفتحاً على كل شيء. إن يسوع "أسقف النفوس" هو مثال كل خدمة أسقفية وكهنوتية. لذا فإن مهمة الأسقف والكاهن تعني تسلم موقع المسيح. التفكير والنظر والتصرف من موقعه السامي. وانطلاقاً منه، البقاء تحت تصرف البشر ليجدوا الحياة".
ولفت البابا انتباه المؤمنين الى قولين في الرسالة الأولى للقديس بطرس يهماننا في هذا العصر: "وإنما كرسوا المسيح رباً في قلوبكم. وكونوا دائماً مستعدين لأن تقدموا جواباً مقنعاً لكل من يسألكم عن سبب الرجاء الذي في داخلكم"، وانطلاقاً من هذه العبارة انصرف البابا ليشرح الإيمان فقال: "الإيمان المسيحي هو رجاء. إنه يفتح الطريق نحو المستقبل ويشكل رجاءً حكيماً، رجاءً نوضحه بالعقل. الإيمان ينبثق من العقل الأبدي الذي برز في عالمنا وأظهر لنا الله الحقيقي. إنه يفوق قدرة عقلنا تماماً كما أن المحبة ترى أكثر من مجرد العقل. ولكن الإيمان يخاطب العقل ويمكنه مقاومته في المواجهة الجدلية. إنه لا يتناقض معه وإنما يتماشى معه ويرشد إلى ما هو أسمى منه – إلى حكمة الله العظيمة".

القول الثاني: "ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب". إن التذوق – قال البابا - هو الذي يرشد إلى النظر. فلنفكر في تلميذي عماوس: فقط في الشركة مع يسوع، فقط في كسر الخبز تنفتح أعينهما. فقط في اختبار الشركة مع الرب يتمكنان من النظر. وهذا ينطبق علينا جميعاً: أبعد من الفكر والكلمة، نحن بحاجة إلى تجربة الإيمان والعلاقة الحية مع يسوع المسيح. يجب ألا يبقى الإيمان نظرية بل يجب أن يكون حياة. إن التقينا بالرب في السر، إن تحدثنا معه في الصلاة، وإن اتحدنا مع المسيح في القرارات اليومية، "نرى" طيبته أكثر فأكثر."
وفي الختام تحدث البابا عن خلاص النفوس وقال: " في عالم فكر المسيحية الحالية، إنه قول غريب وفاضح للبعض. لقد فقدت كلمة "نفس" بعض قيمتها. يقال أن هذا يؤدي إلى انقسام الإنسان بين البعدين الروحي والجسدي، بين النفس والجسد، فيما يصبح فعلاً وحدة غير منقسمة. علاوة على ذلك، فإن "خلاص النفوس" كغاية الإيمان يبدو أنه يشير إلى مسيحية فردية، فقدان المسؤولية تجاه العالم ككل في طابعه الجسدي وفي طابعه المادي. إلا أننا لا نجد شيئاً من ذلك في رسالة القديس بطرس. فالنص يتميز بحماسة الشهادة لصالح الرجاء والمسؤولية تجاه الآخرين. في سبيل فهم الكلمة حول خلاص النفوس كغاية الإيمان، لا بد لنا من الانطلاق من جانب آخر. صحيح أن فقدان الاهتمام بالنفوس وإفقار الإنسان الروحي لا يدمر الفرد فقط وإنما يهدد أيضاً مصير البشرية جمعاء. فلا خلاص للبشرية جمعاء من دون شفاء النفوس ومن دون شفاء الإنسان".
وختم البابا كلمته متوجهاً الى الساقفة الذي نالوا درع التثبيت، الدرع الذي يذكر بحملان المسيح وخرافه التي أوصى بها الرب القائم من بين الأموات إلى بطرس لرعايتها. (وكالة فيدس 30- 06-2009)


مشاركة: