بندكتس السادس عشر في مونتيكاسينو: "بفضل نشاط الأديرة المرتبط بالالتزامات اليومية الثلاثة المتمثلة بالصلاة والدراسة والعمل، عاشت جميع شعوب أوروبا تجربة فداء حقيقي وتنمية أخلاقية وروحية وثقافية مفيدة"

الاثنين, 25 مايو 2009

مونتيكاسينو (وكالة فيدس) - إن مونتي كاسينو، شأنها شأن شجرة السنديان التي زرعها القديس بندكتس، شذبها عنف الحرب إلا أنها نهضت بعدها بقوة أكبر. هذا ما قاله بندكتس السادس عشر يوم الاحد الماضي خلال صلاة الغروب في دير مونتيكاسينو مع الرهبان والراهبات البندكتان القادمين من العالم كله لمناسبة.
وتحدث البابا عن رسالة بطرس الاولى فقال: "على الرغم من أن يسوع صعد إلى السماوات وأصبح غير منظور في أعين التلاميذ إلا أنه لم يتخل عنهم وإنما "مات بجسمه البشري، ثم عاد حياً بالروح" (1 بط 3، 18). هو الآن حاضر بطريقة جديدة في نفوس المؤمنين. وفيه، يقدم الخلاص لكل كائن بشري على اختلاف نسبه ولغته وثقافته. إن رسالة بطرس الأولى تشتمل على إشارات محددة إلى الوقائع المسيحية الأساسية للإيمان المسيحي. والمسيرة الإنسانية والروحية التي قام بها القديس بندكتس تظهر ذلك بوضوح. فهو الذي ترك كل شيء وكرس نفسه لاتباع يسوع بأمانة. وهو الذي أصبح مؤسس حركة النهضة الروحية والثقافية الواسعة في الغرب من خلال تجسيده واقع الإنجيل في حياته. لقد نال القديس بندكتس هذه الهبة من الله ليس لإرضاء فضوله الفكري وإنما لأن الهبة التي منحه إياها الله كانت قادرة على إعادة حياة السماء إلى الدير وإعادة تناغم الخلق من خلال التأمل والعمل. لذلك، تكرمه الكنيسة كـ "معلم بارز في الحياة الرهبانية" و"علامة صاحب حكمة روحية في محبة الصلاة والعمل؛ ومرشد الشعوب المتألق في نور الإنجيل" الذي "من خلال ارتفاعه إلى السماوات على درب نيرة" يرشد البشر من كل الأعمار إلى البحث عن الله والخيرات الأبدية التي أعدها (مقدمة القديس في الدير، كتاب القداس الروماني، 1980، 153).
وتابع البابا بان القديس بندكتس كان حقاً "مثالاً نيراً للقداسة ومرشد الكهنة إلى المسيح مثالهم الأسمى والأوحد. كان معلم اللطف الذي اقترح رؤية متوازنة وملائمة لمطالب الله وأهداف الإنسان، كذلك أخذ بالاعتبار احتياجات القلب ومبرراته في سبيل تعليم وإلهام أخوة حقيقية وثابتة لكي تبقى وحدة الروح القادرة على بناء السلام والحفاظ عليه، في العلاقات الاجتماعية المعقدة. وليس من قبيل المصادفة أن تكون كلمة "سلام" هي الكلمة المرحبة بالحجاج والزوار عند أبواب الدير الذي أعيد تشييده بعد الكارثة الهائلة التي سببتها الحرب العالمية الثانية والذي يقوم كذكرى صامتة لنبذ كافة أشكال العنف في سبيل بناء السلام في العائلات وضمن الجماعات وبين الشعوب والبشرية جمعاء.
من خلال قدوته، أصبحت الأديرة على مر القرون مراكز حوار متقد ولقاء واتحاد مفيد بين مختلف الشعوب التي توحدت بثقافة السلام الواردة في الإنجيل. لقد عرف الرهبان كيفية تعليم فن السلام بالقول والفعل، مستخدمين بشكل ملموس "الروابط" الثلاثة التي يعتبرها بندكتس ضرورية للحفاظ على وحدة الروح بين البشر، وهي: الصليب، شريعة المسيح؛ الكتاب أي الثقافة؛ والمحراث الذي يشير إلى العمل، السيادة في كل الأزمنة. بفضل نشاط الأديرة المرتبط بالالتزامات اليومية الثلاثة المتمثلة بالصلاة والدراسة والعمل، عاشت جميع شعوب أوروبا تجربة فداء حقيقي وتنمية أخلاقية وروحية وثقافية مفيدة، إلى جانب العمل بروح الاستمرارية مع الماضي من أجل الخير العام، والانفتاح على الله والبعد السامي.
من هذا المكان الذي ترقد فيه رفاته الفانية، يستمر شفيع أوروبا في دعوة الجميع إلى متابعة عمله القائم على التبشير بالإنجيل والتنمية البشرية. أشجعكم أولاً، أيها الإخوة الأعزاء، على البقاء أمناء لروح جذوركم، ومترجمين حقيقيين لبرنامج النهضة الاجتماعية والروحية. (وكالة فيدس 25-05-2009)


مشاركة: