البابا في تعليمه خلال المقابلة العامة: بيدا، "شمس جديد أراد الله أن يجعله يشرق لا من الشرق بل من الغرب لينير العالم"

الخميس, 19 فبراير 2009

حاضرة الفاتيكان (وكالة فيدس) – "بيدا المكرم هو إحدى ألمع شخصيات العصور الوسطى المتقدمة". لذا القديس، خصص البابا بندكتس السادس عشر تعليمه خلال المقابلة العامة يوم الأربعاء 18 فبراير.
وقال البابا بأن تعاليم بيدا وشهرته، أثمرت له صداقات كثيرة مع شخصيات زمنه الرئيسية، وشجعه هؤلاء الأصدقاء على المثابرة على عمله الذي كان ذا منفعة لكثيرين. أصابه المرض، ولكنه لم يعتزل العمل محافظًا على فرح باطني كان ينعكس في الصلاة والإنشاد. تشكل الأسفار المقدسة المرجع المستمر لتأملات بيدا اللاهوتية.
قرأ بيدا الكتاب المقدس من وجهة نظر كريستولوجية، جامعًا بين أمرين: من ناحية يصغي إلى ما يقوله النص بالتحديد، بغية الإذعان حقًا إلى النص ومن ناحية أخرى، هو مقتنع بأن المفتاح لفهم الكتاب المقدس ككلمة فريدة من الله هو المسيح، ومع المسيح، وعلى ضوئه، يمكننا أن نفهم العهد القديم والجديد ككتاب مقدس "واحد".
وقال قداسته بأن بيدا يرى "نمو شمولية الكنيسة غير محصور في ثقافة محددة، بل هي تتألف من حضارات العالم التي يجب أن تنفتح على المسيح وأن تجيد فيه نقطة الوصول.
اهتم بيدا أيضاً بالتاريخ، ولذلك فقد استعرض تاريخ الآباء والمجامع، لقناعته بأن عمل الروح القدس يستمر في الكنيسة. في " Chronica Maiora " يرسم بيدا تسلسلاً زمنيًا سيضحي ركيزة التقويم العالمي "إنطلاقًا من تجسد الرب". وإذ رأى بيدا أن المرجع الحقيقي ومحور التاريخ هو ميلاد المسيح، قدم لنا هذا التقويم الذي يقرأ التاريخ انطلاقًا من تجسد الرب.
وأخيرًا يقوم بكتابة "التاريخ الكنسي للشعوب الإنكليزية" بتدقيق صارم وبراعة أدبية، حتى اشتهر بلقب "أب التأريخ الإنكليزي".
عن الكنيسة قال بيدا بأنها: أ. الكاثوليكية (الشمولية) كأمانة للتقليد وكانفتاح على التقدم التاريخي، وكبحث عن الوحدة في التنوع، تنوع التاريخ والثقافات. ب. الرسولية والرومانية: يولي بيدا أهمية كبرى لإقناع الكنائس الإيروشلتيكية والبييتية بتوحيد الاحتفال بالفصح تبعًا للتقويم الروماني.
اهتم بيدا – قال الأب الأقدس – بتقديم تعليم أشراري بكل معنى الكلمة. فباتباعه "الواقعية" التي تميزت بها تعاليم كيريلس، وأمبروسيوس وأغسطينوس، يعلم بيدا أسرار التنشئة المسيحية تجعل من كل مؤمن "ليس مسيحيًا فقط بل مسيحًا"، وبالتالي فهو لا يزال يحمل رسالة آنية لكل الدعوات، فهو: أ) يذكر الباحثين بالتمحص في روائع كلمة الله لتقديمها بشكل جذاب للمؤمنين؛ عرض الحقائق العقائدية مع تحاشي التعقيدات الهرطوقية والالتزام بالبساطة الكاثوليكية، مع أخذ موقف الصغار وبالمتواضعين الذين يسرّ الله بأن يكشف أسرار الملكوت؛ ب) على الرعاة، من ناحيتهم، أن يعطوا الأولوية للوعظ. ج) ينصح بيدا الرهبان المكرسين لعيش الفرض الإلهي، والذين يعيشون في فرح الشركة الأخوية والتقدم في الحياة الروحية عبر التقشف والتطلع، ينصحهم بالاعتناء بالحياة الإرسالية.
وفي هذا الإطار يحض بيدا المؤمنين العلمانيين على أن يكونوا مواظبين على التعليم الديني ويقتدوا "بالجماعات الإنجيلية التي لا تشبع، والتي لم تكن تترك للرسل مجالاً لكي يأكلوا". يريد المسيح كنيسة تعلم الصلاة المتواصلة "عبر تجسيد في الحياة لما تحتفل به الليتورجية"، وتقديم كل الأعمال كذبيحة روحية بالاتحاد مع المسيح.
أما الوالدِين فباستطاعتهم في إطارهم البيتي الصغير أن يمارسوا "الخدمة الكهنوتية مثل الرعاة والمرشدين"، منشئين بشكل مسيحي أولادهم.
لُقّب بيدا "بشمس جديد أراد الله أن يجعله يشرق لا من الشرق بل من الغرب لينير العالم"، وذلك نظرًا للتأثير الفائق لكتاباته. إلى جانب التشديد البلاغي، أسهمت مؤلفات بيدا بشكل فعال في بناء أوروبا مسيحية، امتزجت فيها الشعوب والثقافات، وأعطتها هيكليتها الموحدة المستوحاة من الإيمان المسيحي.
(وكالة فيدس 19-02-2009)


مشاركة: